خزانة الأدب - البغدادي - ج ٦ - الصفحة ٣٨
بليت قبلك بقوم لد تألبوا علي وتعاونوا فلم أجزع لما منيت بهم جزعا فاحشا ولا استنصرت عليهم غيري. فإن قيل: كيف قال هلعت وقد قال: كدت أبكي من الظلم إلخ وهل الهلع إلا البكاء والجزع قلت: إن الهلع هو الجزع الفاحش الذي يظهر فيه الخضوع والانقياد فهذا هو الذي زعم أنه لا يظهر عليه.
والبكاء الذي ذكر أنه شارفه إنما كان على طريق الاستنكاف وإذا كان كذلك فإنه لم يكن عن تخشع وتذلل ولا انقياد ولا استسلام. وسلم الكلام من التناقض. وقال ابن هشام في شرح الشواهد: وهذا ليس تناقضا لأنه على اختلاف وقتين أي: إنه ذل جانبه بعد أن كان عزيزا.
وهذا كلام الخطيب التبريزي. ونظيره أبيات فاطمة بنت الأجحم حين ضعف جانبها لموت من كان ينصرها وهي أبيات حسنة تمثلت بها سيدتنا فاطمة رضي الله عنها حين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي:
* قد كنت لي جبلا ألوذ بظله * فتركتني أمشي بأجرد ضاحي * * قد كنت ذات حمية ما عشت لي * أمشي البراز وكنت أنت جناحي * * فاليوم أخضع للذليل وأتقي * منه وأدفع ظالمي بالراحي *
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»