ألا ترى إلى قول خرنق: لا يبعدن قومي الذين هم البيتين ويروى: النازلون والطيبون والنازلين والطيبون والنازلون والطيبين. والرفع على هم والنصب على أعني فلما اختلفت الجمل كان الكلام أفانين وضروبا فكان أبلغ منه إذا ألزم شرحا واحدا.
فقولك: أثني على الله أعطانا فأغنى أبلغ من قولك: أثني على الله المعطينا والمغنينا لأن معك هنا جملة واحدة وهناك ثلاث جمل.
ويدلك على صحة هذا المعنى قراءة الحسن: جاعل الملائكة بالرفع. فهذا على قولك: هو جاعل الملائكة. ويشهد به أيضا قراءة خليد بن نشيط: جعل الملائكة.
قال أبو عبيدة: إذا طال الكلام خرجوا من الرفع إلى النصب ومن النصب إلى الرفع. يريد ما نحن عليه لتختلف ضروبه وتتباين تراكيبه. هذا كلامه.) وقد أورده سيبويه في باب الصفة المشبهة أيضا على أن معاقد منصوب بقوله الطيبون على التشبيه بالمفعول به وليس مفعولا به لأن عامله غير متعد ولا تمييزا كما زعم الكوفيون لأنه معرفة.
فإن قيل: يكون تمييزا من باب حسن الوجه المنوي به الانفصال فيكون نكرة.
أجيب بأنه ليس منه في شيء إنما إضافته من باب إضافة المصادر أو الأمكنة إلى ما بعدها كقيام زيد ومقام عمرو فإن إضافتهما معنوية.
وقولها: لا يبعدن معناه لا يهلكن وهو دعاء جاء بلفظ النهي. ويبعدن: فعل مستقبل مبني مع نون التوكيد الخفيفة وموضعه جزم بلا الدعائية