قولك: إن من يأتيني آتيه وكان من يأتيني آتيه وليس من يأتيني آتيه. وإنما أذهبت الجزاء هنا لأنك أعملت كان وإن ولم يسغ لك أن تدع كان وإشباهه معلقة لا تعملها في شيء فلما أعملتهن ذهب الجزاء ولم يكن من مواضعه.
ألا ترى أنك لو جئت بأن ومتى تريد إن إن وإن متى كان محالا. وإن شغلت هذه الحروف بشيء جازيت.
فمن ذلك قوله: إنه من يأتنا نأته وقال جل وعز: إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم وكنت من يأتني آته.
وتقول: كان من يأتنا نعطه وليس من يأتنا نعطه إذا أضمرت الاسم في كان أو في ليس لأنه حينئذ بمنزلة لست وكنت. فإن لم تضمر فالكلام على ما وصفتا وقد جاء في الشعر: إن من قال الأعشى: إن من لام في بني بنت حسان.................. البيت فزعم الخليل أنه إنما جازى حيث أضمر الهاء فأراد إنه. ولو لم يرد الهاء كان محالا. اه.
فعلم أن حذف اسم إن في هذا مخصوص بالضرورة.
وكذلك قال الأعلم: الشاهد في جعل من للجزاء مع إضمار منصوب إن ضرورة.
وقال النحاس: يقدره سيبويه على حذف الهاء وهو قبيح. وفيما كتبته عن أبي إسحاق: لم يجز إن من يأتني آته من جهتين لأن من إذا كانت شرطا واستفهاما لم يعمل فيها ما قبلها ولأن تقديرها تقدير إن في المجازاة فكما لا يجوز: إن إن تأتنا نكرمك كذا لا يجوز هذا. فإذا جاء في الشعر فعلى إضمار الهاء.