خزانة الأدب - البغدادي - ج ٥ - الصفحة ٣٨٧
فكان يجب أن يكون الفاصل على القياس أنا. ووجهه أنه ليس على الفصل بل هو تأكيد للضمير المستتر في يراني أو للضمير في أصيب.
وأما إن قدر لو أصبت لم يستقم المعنى إذ تقديره يراني مصابا إذا أصابتني مصيبة. ولا يخبر بمثل ذلك عاقل إذ لا يتوهم خلافه. اه.
فالمصاب المذكور عنده اسم مفعول لا مصدر.
وقد خفي هذا على ابن هشام فقال في المغني بعد نقل كلامه. وعلى ما قدمناه من تقدير الصفة لا يتجه الاعتراض.
قال الدماميني في الحاشية الهندية: الصفة التي أشار إليها إنما قدرها على جعل المصاب مصدرا لا اسم مفعول وكلام ابن الحاجب فيما إذا كان المصاب اسم مفعول لا مصدرا ولذلك جعله مفعولا ثانيا ليرى والمفعول الأول هو الياء ولولا ذلك لما صح بحسب الظاهر.
والاعتراض الذي أشار إليه ابن الحاجب غير متجه مع الإعراض عن تقدير الصفة وذلك لأن مبناه على أن يكون مصابا اسم مفعول نكرة والواقع في البيت ليس نكرة بل هو معرف بأل والحصر مستفاد من التركيب كقولك: زيد هو الفاضل لا غيره.
وكذا المعنى في البيت أي: لو أصبت رآني المصاب بمعنى أنه لا يرى المصاب إلا إياي دون غيري كأنه لعظم مكانه عنده وشدة صداقته له تتلاشى عنده مصائب غير صديقه فلا يرى غيره مصابا ولا يرى المصاب إلا إياه مبالغة. فالمعنى صحيح متجه كما رأيت بدون تقدير صفة. اه.
وقوله: لو أصبت جملة معترضة بين مفعولي يرى وجواب لو محذوف يدل عليه ما قبله ويراني بمعنى يعلمني وفاعله ضمير صديق والجملة خبر كائن. وبالأباطح كان في الأصل صفة لصديق فلما قدم عليه صار حالا منه. ومن صديق تمييز لكائن وتمييزها مجرور ب من في الغالب.
وكائن هنا خبرية لإفادة التكثير ككم الخبرية.
ورواه الأخفش في المعاياة: وكم لي في الأباطح من صديق
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»