خزانة الأدب - البغدادي - ج ٥ - الصفحة ٣٨٥
علم يجب أن يكون موافقا للمفعول الأول في الماصدق فكيف يصح حمل المصاب الذي هو بمعنى المصيبة على الياء في يراني وأجاب الشارح المحقق عنهما بما ذكره وهو أن الضمير الحاضر وهو الياء قائم مقام المضاف الغائب أي: يرى مصابي هو المصاب. والمعنى يرى مصابي هو المصاب العظيم ويسقط بهذا الجواب السؤالان.
ووجه قيام الياء مقام المضاف أن مفعول يرى في الحقيقة هو المضاف المحذوف والياء مضاف إليه فلما حذف المضاف قام الياء المجرور محلا مقام ذلك المضاف المنصوب على المفعولية فالفصل مطابق للمحذوف لا للقائم مقامه.
وإنما وصف المضاف بالغائب لأنه اسم ظاه وهو في حكم الغائب ولهذا يعود ضمير الغيبة إليه. والمصاب على هذا مصدر ميمي كقولهم: جبر الله مصابك أي: مصيبتك. وإنما وصف المصاب بالعظيم لتحصل الفائدة ومثله في حذف الصفة: الآن جئت بالحق أي: بالواضح وإلا لكفروا بمفهوم الظرف إذ يكون المعنى: وقبل الآن لم يجئ بالحق فيكون إنكارا لما جاء به أولا.
ويجوز أن لا تقدر الصفة ويكتفي بالفائدة الحاصلة من الحصر والمعنى لو أصبت يرى مصيبتي هي المصيبة ولا يعد غيرها مصيبة وذلك من تأكد صداقته لا يكترث بمصيبة غيري ولا يهتم لها.) ولصحة المعنى هنا لم يقدر الشارح المحقق الصفة. فلله دره ما أدق نظره وهذا الذي ذكره في هذا البيت أحد تخريجين لأبي علي الفارسي ذكرهما في إيضاح الشعر قال: يجوز أن يكون التقدير في يراني يرى مصابي أي: مصيبتي وما نزل بي المصاب كقولك: أنت أنت ومصيبتي المصيبة. أي: ما عداه جلل هين فيكون هو فصلا بين المضاف المقدر وبين الظاهر.
واقتصر على هذا التخريج ابن الشجري في أماليه ثم قال: ولو أنه قال: يراه لو أصبت هو المصابا فأعاد الهاء من يراه إلى الصديق والمعنى يرى نفسه
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»