خزانة الأدب - البغدادي - ج ٥ - الصفحة ٣٣١
ولما كان مبتدؤها محذوف الخبر أشبه المجرور لانفراده والمضمر لا يتبين فيه الإعراب فوقع مجروره موقع مرفوعه والأكثر لولا أنت كالظاهر. ورد هذا المبرد وسفه قائله تحاملا منه وتعسفا. اه.
وقد رأيت كلام المبرد في الكامل فإنه بعد أن نقل كلام سيبويه قال: والذي أقول أن هذا خطأ ولا يصلح إلا أن تقول لولا أنت كما قال تعالى: لولا أنتم لكنا مؤمنين. ومن خالفنا يزعم أن الذي قلناه أجود ويدعي الوجه الآخر فيجيزه على بعده. اه.
وقد فصل ابن الشجري في أماليه الأقوال فقال في وقوع المضمر بعد لولا التي يرتفع الاسم بعدها بالابتداء: وللنحويين في ذلك ثلاثة مذاهب: فذهب سيبويه أن يرى إيقاع المنفصل المرفوع بعدها هو الوجه كقولك: لولا أنت فعلت كذا.
ولا يمتنع من إجازة استعمال المتصل بعدها كقولك: لولاي ولولاك ولولاه ويحكم بأن المتصل بعدها مجرور بها فيجعل لها مع المضمر حكما يخالف حكمها مع المظهر.
ومذهب الأخفش أن الضمير المتصل بعدها مستعار للرفع فيحكم بأن موضعه رفع بالابتداء وإن كان بلفظ المضمر المنصوب أو المجرور. فيجعل حكمها مع المضمر موافقا حكمها مع المظهر.
ومذهب المبرد أنه لا يجوز أن يليها من المضمرات إلا المنفصل المرفوع. واحتج بأنه لم يأت في القرآن غير ذلك. ودفع الاحتجاج بهذا البيت وقال: إن في هذه القصيدة شذوذا في مواضع وخروجا عن القياس فلا معرج على هذا البيت.
وأقول: إن الحرف الشاذ أو الحرفين أو الثلاثة إذا وقع ذلك في قصيدة من الشعر القديم لم يكن قادحا في قائلها ولا دافعا للاحتجاج بشعره.
وقد جاء في شعر لأعرابي: لولاك في ذا العام لم أحجج
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»