على أن أو هنا بمعنى الواو وإنما احتيج إلى جعل أو بمعنى الواو لأن سواء وسيين يطلبان شيئين فلو جعلت أو لأحد الشيئين لكان المعنى سيان أحدهما. وهذا كلام مستحيل.
قال أبو علي في إيضاح الشعر: والذي حسن ذلك للشاعر أنه يرى جالس الحسن أو ابن سيرين فيستقيم له أن يجالسهما جميعا. وكل الخبز أو التمر فيجوز له أن يجمعهما في الأكل. فلما جرت مجرى الواو في هذه المواضع استجاز أن يستعملها بعد سي. ولم نعلم ذلك جاء في سواء وقياسه قياس سيان. انتهى.
وبين ابن جني سره في باب تدريج اللغة من الخصائص قال: وذلك أي تدريج اللغة أن يشبه شيء شيئا من موضع فيمضي حكمه على حكم الأول ثم يرقى منه إلى غيره. فمن ذلك قولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين. فلو جالسهما جميعا لكان مصيبا مطيعا لا مخالفا وإن كانت أو إنما هي في أصل وضعها لأحد الشيئين.
وإنما جاز ذلك في هذا الموضع لا لشيء رجع إلى نفس أو بل لقرينة انضمت من جهة المعنى إلى أو. وذلك لأنه قد عرف أنه إنما رغب في مجالسة الحسن لما لمجالسته في ذلك من الحظ.
وهذه الحال موجودة في مجالسة ابن سيرين أيضا فكأنه قال: جالس هذا الضرب من الناس.
وعلى ذلك جرى النهي في هذا الطرز من القول في قوله تعالى: ولا تطع منهم آثما أو كفورا فكأنه والله أعلم قال: لا تطع هذا الضرب من الناس ثم إنه لما رأى أو في هذا الموضع قد جرت مجرى الواو تدرج من ذلك إلى غيره فأجراها مجرى الواو في موضع عار من هذه القرينة التي سوغته استعمال أو في معنى الواو.
ألا تراه كيف قال: