حتى انتهى إلى هذا البيت فقال عبد الله: علام رفعت مجلف فقال له الفرزدق: على ما) يسوءك.
وفي تذكرة أبي حيان من النهاية قال عبد الله بن أبي إسحاق للفرزدق: بم رفعت أو مجلف فقال: بما يسوءك وينوءك علينا أن نقول وعليكم أن تتأولوا. ثم قال الفرزدق: الطويل * فلو كان عبد الله مولى هجوته * ولكن عبد الله مولى مواليا * فقال له عبد الله: أردت أن تهجوني فلحنت أيضا. والفرزدق مشغوف في شعره بالإعراب المشكل المحوج إلى التقديرات العسرة بالتقديم والتأخير المخل بالمعاني. وسمعت شيخنا يقول: إني لأعجب من إبراهيم بن هشام المخزومي حين فهم قول الفرزدق: الطويل * وما مثله في الناس إلا مملكا * أبو أمه حي أبوه يقاربه * وقال أبو محمد بن الخشاب في كتابه الموضوع لجوابه المسائل الست الإسكندرية: إن أبا حاتم السجستاني قال: ليس الفرزدق أهلا لأن يستشهد بشعره على كتاب الله لما فيه من التعجرف.
وقال ابن الخشاب أيضا: لم يجر في سنن الفرزدق من تعجرفه في شعره بالتقديم والتأخير المخل بمعانيه والتقدير المشكل إلا المتنبي ولذلك مال إليه أبو علي وابن جني لأنه مما يوافق صناعتهما.
ولا ينفع المتنبي شهادة أبي علي له بالشعر لأن أبا علي معرب لا نقاد وإنما تنفعه شهادة مثل العسكريين وأبي القاسم الآمدي فإنهم أئمة يقتدى بهم في نقد الإعراب. انتهى ما أورده أبو حيان.