خزانة الأدب - البغدادي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٢
فقال: وجبت هجيرا يترك الماء صاديا وإذا صدي فحسبك به عطشا فإن أمكن هذا كان حمله عليه جائزا حسنا ورأيت أبا علي يستسهل تقديم حال المجرور فينحو هذا عليه ويقول: هو قريب من حال المنصوب اه.
أقول: أراد بشاعره أي: بشاعر عصره أبا الطيب المتنبي. الوجه الذي أبداه تخيل صحيح فإن الإنسان يحب أن يكون الماء باردا في جال كونه حارا. ولكن الوجه الأول أحسن وأبلغ فإن الماء البارد أحب إلى الإنسان عند عطشه وحرارته من كل شيء. وهذا المعنى هو المتداول الشائع قال المبرد في الكامل: هو معنى صحيح وقد اعتوره الحكماء وكلهم أجاد فيه.
ومثل بيت الشاهد قول عمر بن أبي ربيعة: فإن قوله: إذا ما منعت برد الشراب يفيد ما أفاده قوله: إلي حران صاديا فإنه يريد عند وقت الحاجة إليه وبذلك صح المعنى.
ومثله قول القطامي:
* فهن ينبذن من قول يصبن به * مواقع الماء من ذي الغلة الصادي * ينبذن: يرمين به ويتكلمن. والغلة بالضم: حرارة العطش.
ويروى عن علي رضي الله عنه أن سائلا سأله فقال: كيف كان حبكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ.
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»