وهو افتعال أيضا من الصنع وهو الفعل الجميل. والإعراض عن الشيء: الصفح عنه. يقول: إذا بلغتني كلمة قبيحة عن رجل كريم قالها في غفرتها له لأجل كرمه وحسبه وأبقيت على صداقته وادخرته ليوم أحتاج إليه فيه لأن الكريم إذا فرط منه قبيح ندم على ما فعل ومنعه كرمه أن يعود إلى مثله وأعرض عن ذم اللئيم إكراما لنفسي عنه وما أحسن قول طرفة بن * وعوراء جاءت من أخ فرددتها * بسالمة العينين طالبة عذرا * وهذا من أحكام صنعة الشعر ومقابلة الألقاب بما يشاكلها ويتمم معانيها وذلك أنه لما كان الكلام القبيح يشبه بالأعور العين سمي ضده سالم العينين.
وقد أورد صاحب الكشاف هذا البيت في التفسير عند قوله تعالى حذر الموت على أنه مفعول له معرفا بالإضافة كما في ادخاره.) وهو من قصيدة طويلة لحاتم الطائي تتعلق بالكرم ومكارم الأخلاق. وهي مسطورة في الحماسة البصرية وغيرها. وهي هذه:
* وعاذلتين هبتا بعد هجعة * تلومان متلافا مفيدا ملوما * * تلومان لما غور النجم ضلة * فتى لا يرى الإنفاق في الحمد مغرما * * فقلت وقد طال العتاب عليهما * وأوعدتماني أن تبينا وتصرما * * ألا لا تلوماني على ما تقدما * كفى بصروف الدهر لمرء محكما * * فإنكما لا ما مضى تدركانه * ولست على ما فاتني متندما * * فنفسك أكرمها فإنك إن تهن * عليك فلن تلقى لها الدهر مكرما * * أهن للذي تهوى التلاد فإنه * إذا مت كان المال نهبا مقسما *