خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٩
وإنما أجمع الشعراء على ذلك. من تضاعف بلائهم بالليل وشدة كلفهم لقلة المساعد وفقد الحبيب وتقييد اللحظ عن أقصى مرامي النظر الذي لابد أن يؤدي إلى القلب بتأمله شيئا يخفف عنه أو يغلب عليه فينسى ما سواه.
وأبيات امرئ القيس في وصف الليل اشتمل الإحسان عليها ولاح الحذق فيها وبان الطبع بها فما فيها معاب إلا من جهة واحدة عند أمراء الكلام والحذاق بنقد الشعر وتمييزه وهو قوله: فقلت له لما تمطى.. البيت لم يشرح فقلت له إلا في بيت بعده. وهذا عيب لأن خير الشعر ما لم يحتج بيت منه إلى بيت آخر. وقد تبع الناس امرأ القيس وصدقوا قوله وجعلوا نهارهم كليلهم فقال البحتري في غضب الفتح عليه:
* وألبستني سخط امرئ بت موهنا * أرى سخطه ليلا مع الليل مظلما * وكأنه من قول أبي عيينة في التذكر لوطنه:
* طال من ذكره بجرجان ليلي * ونهاري علي كالليل داجي * وترجمة النابغة الذبياني قد تقدمت في الشاهد الرابع بعد المائة.
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»