خزانة الأدب - البغدادي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٨
وهذا من المقلوب: أراد: كما ضم أزرار القميص البنائق ومثل هذا كثير فجعل المجنون ما يأتيه في ليله مما عزب عنه في نهاره كالأطفال الناشئة. وقال ابن الدمينة يتبع النابغة:
* أظل نهاري فيكم متعللا * ويجمعني والهم بالليل جامع * أقضي نهاري بالحديث وبالمنى فالشعراء على هذا متفقون ولم يشذ عنه ويخالفه منهم إلا أحذقهم بالشعر. والمبتدئ بالإحسان فيه امرؤ القيس: فإنه بحذقه وحسن طبعه وجودة قريحته كره أن يقول: إن الهم في حبه يخف عنه في نهاره ويزيد في ليله فجعل الليل والنهار سواء عليه في قلقه وهمه وجزعه) وغمه فقال: ألا أيها الليل الطويل.. البيت وقد أحسن في هذا المعنى الذي ذهب إليه وإن كانت العادة غيره والصورة لا توجبه. وقد صب الله على امرئ القيس بعده شاعرا أراه استحالة معناه في المعقول وأن الصورة تدفعه والقياس لا يوجبه والعادة غير جارية به حتى لو كان الراد عليه من حذاق المتكلمين ما بلغ في كثير نثره ما أتى به في قليل نظمه وهو أبو نفر الطرماح بن حكيم الطائي: فإنه ابتدأ قصيدة فقال:
* ألا أيها الليل الطويل ألا أصبح * ببم وما الإصباح فيك بأروح * فأتى بلفظ امرئ القيس ومعناه ثم عطف محتجا مستدركا فقال:
* بلى إن للعينين في الصبح راحة * لطرحهما طرفيهما كل مطرح *
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»