لما تقدم في البيت قبله بدليل العطف عليه فإن قوله ورحمة الله عطف على الضمير المستكن في عليك الراجع إلى السلام لأنه في التقدير السلام حصل عليك فحذف حصل ونقل ضميره إلى عليك واستتر فيه ولو كان الفعل محذوفا مع الضمير لزم العطف بدون المعطوف عليه وبهذا البيت سقط قول ابن خروف بأن الظرف إنما يتحمل الضمير إذا تأخر عن المبتدأ قال ابن هشام في المغني قول ابن خروف مخالف لإطلاقهم ولقول ابن جني في هذا البيت إن الأولى حمله على العطف على ضمير الظرف لا على تقديم المعطوف على المعطوف عليه قد اعترض بأنه تخلص من ضرورة بأخرى وهو العطف مع عدم الفصل ولم يعترض بعدم الضمير وجوابه أن عدم الفصل أسهل لوروده في النثر كمررت برجل سواء والعدم حتى قيل إنه قياس 1.
وإنما نسب الأولوية إلى ابن جني لأنه ذهب تبعا لغيره في حرف الواو من المغني إلى أنه من باب تقدم المعطوف على المعطوف عليه وأنه من خصائص الواو وما زعمه الدماميني في الاختصاص بأن السعد قال في شرح المفتاح إن تقديم المعطوف جائز بشرط الضرورة وعدم التقديم على العامل وكون العاطف أحد حروف خمسة الواو والفاء وثم وأو ولا صرح به المحققون وقال ابن السيد في شرح أبيات الجمل مذهب الأخفش أنه أراد عليك السلام ورحمه الله فقدم المعطوف ضرورة لأن السلام عنده فاعل عليك ولا يلزم هذا سيبويه لأن السلام عنده مبتدأ وعليك خبره ورحمه الله معطوف على الضمير المستر وأنشد ثعلب في أمالية هذا البيت هكذا (الوافر) * إلا يا نخلة من ذات عرق * برود الظل شاعكم السلام * شاعكم تبعكم وعليه لا شاهد فيه وأنشده صاحب الجمل في باب النداء قال اللخمي ونخلة منادى منكر وهو الشاهد وحكى الأعلم أن كل نكرة تؤنث فلا تكون إلا منصوبة وإن كانت مقصودة معينة ونخلة عنده منادى مقصود ولكن لما نونها نصبها قال وذات عرق موضع بالحجاز