من فقه الجنس في قنواته المذهبية - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي - الصفحة ٥٥
6 - خلق نموذج مصغر يقرب للانسان معنى اللذة غير المحدودة التي أعدها الله تعالى لعباده غدا، وقدم لنا منها لحظة قصيرة تتمثل في الرعشة عند لقاء الانسان لأهله، وهذه اللمحة الصغيرة على قصرها روضت الانسان على تحمل أعباء الأسرة والتزاماتها المتعبة، سواء المادي منها والمعنوي، وهو نوع من النشوة لا يتوفر في لذة أخرى من لذائذ الحياة، ولا يقوى الانسان على تحديد مدى النشوة التي يحسها عند الممارسة، وبذلك يقدم لنا الخالق قدرته على إمكان إدامة هذا الاحساس باللذة آمادا وآمادا ما دام قد أرانا نموذجا من طبيعتها، ولعله من الكلي الذي عبر عنه القرآن بما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين مما أعده الله تعالى غدا للصالحين، ودعم الوعد بتجسيده للذة ولو صغيرة يعزز الثقة بقدرة الخالق على كميات من اللذة غير محدودة تنقل الانسان من دنيا التصور إلى دنيا التصديق.
7 - تجزئه العلمية التربوية الاجتماعية التي تتمثل في تظافر جهود الأبوين على تربية الأولاد وتنشئتهم، والمقصود بالتربية هنا معناها الشامل: من تعليم وتوجيه وتنظيم سلوك في حدود ما يملك الأبوان منها، ويرغبان في إفادة الأولاد منها، فإنه لولا الأسرة لما كانت هناك جهات متصورة تقوم برعاية الجيل غير ولاة الأمور، وهي جهة لا تملك نفس الدرجة من الحرارة والعناية والفاعلية كما هي عند الأبوين مع ما بينهما وبين الأولاد من أجواء عاطفية تعين على نيل الأولاد لتوجيه الأبوين، ورغم ما يقال هنا من أن دور الأسرة ضئيل بالقياس إلى تأثير الإطار التربوي الاجتماعي العام، فان المجتمع أسر، ولا شك أنها تكون المزاج العام، بل إن الأبوين في الواقع يصبان في الطفل روح المجتمع بدون تزييف، وذلك قد يكون أحيانا بعكس ما يريده ولاة الأمور: من تربية تلتزمها مؤسسات دولة ما وإن كانت لا تساير المزاج الاجتماعي العام، سواء فيما هو ضار أو نافع، فالأبوان
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 59 60 61 ... » »»