(ولا تنكحوا المشركات) المراد به غير أهل الكتاب، وفي قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) المقصود به الكتابيات، فلا تنافي بين الآيتين حتى يدعي النسخ.
وثالثا - إن قوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) إلى آخر الآية نزلت في سورة المائدة، وهي آخر ما نزل على النبي صلى الله عليه وآله فهي ناسخة وليست منسوخة، ولان لسان الآية لسان امتنان من حيث امتن الله على عباده بهذه الإباحة، ولسان الامتنان يأبي النسخ، وقد نص أصحاب أسباب النزول على أن قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) إلى آخر الآية نزلت في ابن أبي مرثد الغنوي حين استأذن النبي صلى الله عليه وآله في عناق أن يتزوجها وهي مشركة فنزلت الآية المذكورة. وهذا مما يؤكد أنها خاصة بالمشركين ولا تتناول الكتابيين.
2 - الدليل الثاني - قوله تعالى: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) الممتحنة 10، قالوا: إن الآية نهت عن التزوج من الكتابيات، لأنهن كافرات لقوله تعالى: (ألم يكف الذين كفروا من أهل الكتاب) الخ.
والجواب أولا -: إن الامساك بالعصم كما يكنى به عن الزواج فإنه يكنى به عن غير الزواج أيضا، فهو ليس صريحا بالزواج، ولذا قال صاحب المسالك: إن الآية ليست صريحة في إرادة النكاح، ولا فيما هو أعم منه.
وثانيا -: إن مفاد الآية ليس هو النكاح الابتدائي كما يستفيد ذلك منها بعض المحققين - ومنهم الطباطبائي في الميزان - بل إن المراد منها: أن من آمن من الرجال وتحته زوجة كافرة يحرم عليه الامساك بعصمتها، أي إبقاءها على الزوجية السابقة.