هم أنفسهم جراح جديدة في جسم هذه الأمة، ومعاول هدم وأدوات خسيسة أحيانا، وبلهاء أحيانا أخرى بيد محرك ماهر جندهم لقتل بعضهم البعض، وتمزيق أوصال أمتهم، وهم يحسبون أنهم يقاتلون الشيطان، ويحاربون البدع، فيقتلون الاسلام باسم الاسلام، وينحرون الدين بسيف الدين، وما يزالون سادرين لا تدري إلى أين سيصلون بهذه الأمة التي نكبت بهم وابتليت بوبائهم.
ومن أكبر الغلطات التي يرددها كثير من الكتاب إما عن سوء قصد أو عن تقليد أو جهل بحقيقة الأمور، قولهم: إن الأمة الاسلامية مزقتها الدعوات القومية عند ضعف خلافة آل عثمان الأتراك، فتراهم يحنون إلى عهود الترك ويعتبرونها العصور الذهبية للاسلام، وفي هذا اللون من الشعور مغالطة للتاريخ ومغالطة للواقع، وما عرف التاريخ أمة تتعصب للغتها وقوميتها كالأتراك، وما عرفت دولة استعملت مبدأ: فرق تسد، واصطلمت من أجل ذلك الرقاب وأسالت الدما كدولة الأتراك، ثم كانت الخاتمة موقف أتاتورك من الاسلام وموقف أحفاده بعد ذلك. وما يزال ادعاء المدعين في عزو عهود الاسلام الذهبية إلى عصر الأتراك يرده الكثير مع مشاهدتهم إلى آثار الجراح من الأتراك في جسم الأمة الاسلامية وخصوصا المسلمين العرب.
6 - بناء الأمة جسديا وحضاريا في بنية قوية:
أما فيما يخص الجسد، فان العلم كفانا ذلك وقد تكفلت البحوث الطويلة والمعالجات العملية البرهنة على أهمية الدماء الجديدة والمتنوعة في جسم الأمة وما قد يحدثه هذا المزيج المتفاعل من الخواص في شد الأمة، ودفعها للقيام بفعاليات مميزة في ميادين البناء بالسلم والحرب. وقد أصبح هذا الامر من المسلمات العلمية التي لا يتطرق إليها الشك حتى تحتاج إلى البرهنة عليها.