من فقه الجنس في قنواته المذهبية - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي - الصفحة ٢٢٧
من الإماء مزجت الأسر بعضها ببعض، رأينا بعض من حمل الاسلام حملا ولم يهضمه، سواء من العرب أو الأمم التي سبيت نساؤها ظلوا في إطار انتماءاتهم الحضارية ولم يرتضوا الاندماج والمزج مما كان عاملا مهما في نشوء وتكون العصبية عند العرب والشعوبية عند الأمم الأخرى، وبذلك كان هؤلاء بعيدين عن روح الاسلام ومناهجه الحكيمة في سبيل تأصيل العامل الانساني وتوحيد الأمم في أمة واحدة، وهو أمر خطط له الاسلام بالوسائل المختلفة التي منها هذه، ومنها توحيد اللغة، ومنها تشريع الحج، ومنها تحميلهم الهموم المشتركة، وهكذا.
4 - طرد الفهم الخاطئ:
باعتبار العبودية صفة لصيقة بالانسان، أو هي من مقوماته، كما مرت علينا نظريات بعض الحضارات في ذلك. وقد عمل الاسلام من أجل ذلك عملا دؤبا فطرد هذا الفكر الذي يعتبر اللون أو العرق، أو الانتماء بشكل وآخر مبررا لتصنيف الانسانية إلى عبيد وأحرار، فكل الناس لآدم وآدم من تراب، والدماء حين تمتزج فذلك دليل قاطع على أنها متساوية لا فارق ذاتي بينها وان صنفتها الكسبيات، والداعي إلى تفوق عرقي لا يجد له ردعا أفضل من الحديث المروي: " من دعا إلى عصبية فأعضوه بهن أبيه ".
وما أروع تجسيد ذلك حينما يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام لمن قال له: أنا عربي وهذا مولى وتساوي بيني وبينه بالعطاء؟
فيقول له: " خذ قبضتين من هذا التراب فانظر بماذا تفضل إحداهما الأخرى ". وعندما يرى أبو حنيفة أن قوله تعالى: (النفس بالنفس) المائدة 45 ناسخ لقوله تعالى: (الحر بالحر والعبد بالعبد) البقرة 128، فيفتي بقتل السيد بعبده إذا قتل السيد عبده. وبعد ذلك، فما قد يذهب إليه البعض في التفرقة بين المسلمين في أصل
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»