4 - العرب:
ومن الأمور الواضحة في حضارة العرب: أنهم كانوا يعتقدون أن جنسهم مميز عن الأجناس الأخرى، فكانوا يرون أن الأجناس الأخرى لا تكافئهم، وكانوا يطلقون على الشعوب الأخرى لفظ الأعاجم ويستنكفون عن مصاهرتهم فلا يزوجونهم ولا يتزوجون منهم.
وقضية امتناع النعمان عن تزويج ابنته حرقاء من كسرى والذي تسبب في حدوث واقعة ذي قار الشهيرة معروفة في التاريخ، وكذلك امتناع بني باهلة عن تزويج دهقان من دهاقنة الفرس لاحدى بناتهم واستنكافهم من ذلك وهم من أحط قبائل العرب التي كان المثل يضرب بخستها (1). ولعل هذا المنحى كان هو السائد بين الشعوب.
ومن منطلق هذه الأرضية التي تؤكد على التمايز بين الأجناس من الطبيعي أن ينشأ فكر يؤمن بالسيادة لجنس على جنس.
موقف الديانتين الكبيرتين من الرق هذه الأرضية التي أشرت لها، والتي عاشت فكرا في الحضارات المذكورة وتجسيدا على صعيد الواقع لم تأت من فراغ، وانما هي وليدة فلسفة معينة من منظري ومفكري تلك الأمم، تقوم على قصور بعض الناس عن البعض الآخر ذاتيا أو كسبيا مما مهد للرق، وغطا بغطاء عقلاني أو علمي في تصورهم، وإن تناقض التطبيق مع أصل الفلسفة والنظرية، فما هي صلة من يؤخذ بالحرب فيسترق، أو من يعجز عن وفاء دينه، أو من يخطف فيباع. كل هؤلاء ما هي صلتهم بالنقصان الذاتي حتى