النظرات حول الإعداد الروحي - الشهيد حسن معن - الصفحة ٢٠٣
وانما تهدف الآية - في ضوء بعض التقادير - إلى النهي عن أن ترتبط قلوب العاملين الاسلاميين بالناس، وهدايتهم بحيث تكون هداية الناس هي الأول، والأخير، والشغل الشاغل، والمعبود من دون الله.. انما المؤمن الرسالي حقا هو ذلك الذي يعبد الله ولا يعبد سواه، ويهدف بالدرجة الأولى إلى هداية نفسه، وعبادة الله. وإذا كانت هداية النفس، وعبادة الله تنتهي إلى الاهتمام بأمور المسلمين، والعودة إلى الخير، والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر فليس هذا سوى (شأن) من شؤون هداية النفس، وليس له شخصية مستقلة، أو كيان خاص.
2 - والنقطة الثانية: هي ان لا تخرج العلاقة الوجدانية بالدعوة، والعمل إلى مستوى يضر العمل، ولا يخدمه.. فان العواطف الدعوتية قد تدعو الانسان إلى تجاوز مصالح العمل والدعوة والاضرار بها.. لان من طبيعة العاطفة أن تكون عمياء.. وانما تكتسب رؤيتها من العقل والانتباه.
والامر كذلك بالنسبة إلى الانفعالات.. فقد يؤدي تجمد الدعوة، وتكذيب الناس، وسخريتهم، واعراضهم عن الرسالة إلى حدوث شئ من الحزن الهادئ، والألم النفسي البطئ.
وهذا امر طبيعي نتج عن الحد الأدنى المعروض من العواطف الرسالية.. ولكن قد يؤدي ذلك إلى (الضيق) النفسي، والهلاك، والاحساس بالفشل وهذا معنى مرفوض من وجهة نظر الاسلام التربوية لان مثل الانفعالات التي لا يحتفظ الانسان المسلم معها بالحد الأدنى من الانفتاح النفسي الذي تستلزمه الدعوة، ويستلزمه الاستمرار فيها وزيادة
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»