النظرات حول الإعداد الروحي - الشهيد حسن معن - الصفحة ١٩٨
كما يأنس الظمآن إلى الماء.. أو كما يأنس الطير إلى وكره وأين هذا من حقد متأصل، وعداوة متمكنة من القلب مفسدة له، ان المؤمن ليتسامى فلا يرد على الإساءة.. بل وهو في أكثر الأحيان لا ينظر إليها على انها إساءة، أو يحسب لها في نفسه أي حساب.. في خبر معتبر عن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص) في خطبته:
(الا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة؟ العفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، والاحسان إلى من أساء إليك، واعطاء من حرمك) الأصول ج 2 ص 107 وان المؤمن ذو قلب رحيم، عطوف حنون يسامح ويكظم الغيظ، ويعفو عن الناس وان أساءوا، ويصلهم وإن قطعوا، ويحترمهم وان أهانوا، والمؤمن اسمى من أن يصدر عن غيظ، وينطلق عن غضب أو حقد، وكيف يعرف قلبه الأحقاد وقد تمكنت فيه هداية الله وحب المؤمنين؟
العلاقة الوجدانية بالرسالة ونجاح الدعوة المؤمن في الأساس ينطلق في عمله الرسال الدعوتي، لان الله تعالى يطلب منه ذلك، ولأنه يثيبه عليه.. ولكن الانسان المسلم لا يتعامل مع عمله على أساس انه (مسؤولية) يريد التنصل منها، وابراء ذمته، وعهدته من عبء الامر، والطلب الإلهي.. بل، ولا يتعامل معه على أنه (طريق للثواب) الأخروي.. فقط.. وانما تنشأ عنده قبل العمل لله، وأثناءه علاقات وجدانية تتمثل في حب هداية الناس، والتطلع إلى تغييرهم،
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»