النظرات حول الإعداد الروحي - الشهيد حسن معن - الصفحة ٢٠٠
دعائم ومعالم رسالته في الأرض مجرد قضية مسؤولية باردة.. يتهرب عنها الانسان في أي لحظة يتوهم فيها أن عملا آخر أكثر ثوابا، واجرا.. ويتعامل معها تعاملا فرديا جافا، وانما هي قضية رسالة ربانية.. وإرادة الله تعالى في الأرض يكتل لها الامام، والاسلام القيم الدينية النفسية المتعلقة بالثواب، والقيم العاطفية الراجعة إلى حب الله، وحب رسالته، والغضب لمحارمه، إذا انتهكت، والقيم الانسانية الأخلاقية المتعلقة بالعدل، والاحسان، والتأليف بين القلوب، وأمثالها من المعاني، التي لا يريد الاسلام ان يميتها، ويذيبها في الحس الديني بمعناه الضيق المحدود، وانما يشركها في عملية البناء والتربية.
ونتيجة للتعامل العاطفي مع قضية الدعوة.. والعلائق الوجدانية بها، فمن المعقول ان يألم المؤمن في اللحظات التي ينحرف فيها الناس، ولا تحقق الدعوة نجاحا حسيا ملموسا ويحس بحزن هادئ رزين، وتصيبه حالات من التحسر على الناس وشئ من الأسى المخفف ومن الطبيعي ان يسر، ويفرح عندما يتحقق نحو من التقدم للدعوة والعمل عند الناس.. وليس في هذا ما ينقص من دينه وارتباطه بالناس.. وهذه سيرة الرسول (ص) والأئمة (ع) حاشدة بالأمثلة على هذه الأواصر القلبية، والتعلق الوجداني (العاطفي، والانفعالي) بينهم وبين الدعوة ومع الناس.. وأسبق الأمثلة إلى الأذهان.. ما يبدو من خلال القرآن الكريم من أن رسول الله (ص) وهو قمة ما أمكن للهدى الإلهي ان ينشئه ويربيه - كان يتحسر على قومه ويصيبه نحو من أنحاء الألم النفسي على أنهم لا يؤمنون.. وكل ما حاوله كتاب الله تعالى هو ان عزاه وسلاه، والفت نظره إلى وسائل
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»