الفضائل والرذائل - المظاهري - الصفحة ١٢٩
القرني وصل إلى هذه الدرجة بإخلاصه بحيث يقول النبي (ص): أرى نور الله في المدينة، لأن أويسا القرني على حد تعبير الإمام قدس سره: سحق بقدمه على شهوة عقله، فلم يترجل عن بعيره ورجع ولم ير النبي.
فهل يمكننا أن نجد الدرجة الأولى للإخلاص؟ فيكون عملنا حقا في سبيل الله، وحينئذ يقل ما نتوقعه من الآخرين. (لا ننتظر أحدا يقول لنا أحسنتم وبارك الله فيكم. ولكن ذلك الذي لا يكون عمله خالصا لله تعالى يتضجر إذا لم يقل له بارك الله فيكم، وتراه يزعق كم قد عملت من أجلكم ولكن لم تقولوا " أحسنت " ولو لمرة واحدة، وأما إذا كان العمل لله تعالى فالله تعالى هو الذي يقول لكم أحسنتم. وكل من قال له الله " أحسنتم " فليعلم بأن جميع العالم يقول له " أحسنتم ".
(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) (6).
يقول: ان من يعمل لله تعالى بصدق وعلى ضوء إيمانه فان رب العالمين سيجعل محبته في القلوب حتى يحبهم الجميع.
ويقول الإمام الصادق (ع):
" من أراد عزا بلا عشيرة، وغنى بلا مال، وهيبة بلا سلطان، فلينتقل من ذل معصية الله إلى عز طاعته " (7).
إذا كنت تريد أن تكون عزيزا بين أصدقائك، وإذا كنت تريد الهيبة في قلوب أعدائك، فاخلع لباس ذل المعصية والبس لباس عز الطاعة، واتصل بنور الله.
- نموذج الإخلاص في القول الأخير:
لقد رأيتم نموذجا بأم أعينكم ولا يحتاج إلى الإتيان بمثال من التاريخ. لقد رأيتم حياة الإمام قدس سره ووفاته، وترون الآن قبره. وسبب كل هذه العظمة هو شئ واحد فقط وذلك هو " الإخلاص ".
مع أنه لم يكن قبل الثورة صاحب قدرة بحسب الظاهر. جاء أحد المقربين للشاه إلى قم والتقى بأحد مراجع التقليد الكبار وقال له: إننا لا نستطيع أن نأتي باسم آية الله الخميني، أمام الشاه لأنه يضطرب ويتغير لونه بمجرد أن يسمع اسمه.
ويقول الإمام قدس سره: في المرة الأولى التي ألقي فيها القبض علي كانوا يخافون من أن أصلي إلى أن وصلنا إلى خارج قم، وهناك خارج قم فقط كانوا على
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»