الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٨٠
فمن مصاديق الطاعة المحرمة إطاعة الإنسان لنفسه الأمارة بالسوء واتباع هواها في كل ما تأمر به من معاصي الله وترك طاعته من دون أن يرجع إلى أوامر ربه وبذلك يكون هذا الإنسان قد اتخذ نفسه إلها من دون الله. قال تعالى: (أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ([الفرقان / 44]. وقال تعالى أيضا: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ([الجاثية / 24].
الاستشفاء بقوله تعالى: (وأضله الله على علم ( فلنأخذ هنا الاستشفاء من هذه الآية الكريمة ونتدبر معناه فنقول: معنى قوله تعالى: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم (أي ألا تعجب ممن يعبد هواه بإطاعته وأتباعه له وهو يعلم إن له إلها غير هوى نفسه وهو الله الذي يجب عليه أن يعبده ويطيعه ولكنه - مع علمه هذا - جعل معبوده ومطاعة هوى نفسه دون الله لذلك كان جزاؤه من الله أن يضله الله مع علمه بوجوب تقديم إطاعة ربه على إطاعة هوى نفسه.
ومن هنا نعلم إنه قد يجتمع الضلال مع العلم بالسبيل المستقيم ومعرفته ويكون هذا الإنسان مصداقا لقول الله عز وجل: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ([النمل / 15].
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»