الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٦١
وما من سنة إلا ويعتق فيها في آخر ليلة من شهر رمضان ما بين عشرين رقبة إلى أقل أو أكثر، وإذا كان يوم الفطر أعطاهم الجوائز التي تصونهم وتغنيهم عما في أيدي الناس فيخرج منه المملوك حرا بعدما كان عبدا وعارفا بعدما كان جاهلا وغنيا بعدما كان فقيرا وعزيزا بعدما كان ذليلا (1).
3 - العبودية بمعنى الخضوع:
عودا لموضوعنا نقول: وتأتي العبودية بمعنى الخضوع والتذلل وهي بهذا المعنى مشار إليها في القرآن ومنصوص عليها في اللغة والاصطلاح الشرعي والعرفي. قال تعالى حاكيا عن لسان فرعون وقومه: (فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ([المؤمنون / 48] أي خاضعون متذللون. ومن هنا يقال للطريق الذي يكثر المرور عليه لسهولته إنه طريق معبد أي خاضع للمارة، وقد تعارف بين الناس خضوع الضعيف للقوي (2).
ومما لا ريب فيه لا بد للإنسان المخلوق من أن يخضع ويتذلل خضوعا وتذللا مطلقا لخالقه المتعال الذي خضع وتذلل له كل شئ من مخلوقاته. قال تعالى: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ([حم فصلت / 12] أي

(١) ما نقلناه من سيرة الإمام زين العابدين (ع) مقتطف من حديث طويل عن الإمام الصادق (ع) ينقله المجلسي في (البحار) ج ٤٦ ص ١٠٢ عن (الإقبال) للسيد ابن طاووس ويشير إليه الشيخ محمد جواد مغنية في (الشيعة والتشيع) ص ٢٤٥ كما يذكر بعضه ابن شهر آشوب في (المناقب) ج 4 ص 158.
(2) راجع تفسير (الميزان) ج 10 ص 282: (الإقبال إلى الله بالعبادة).
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»