الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٦٠
فلم يكتف بالصلاة والصوم والحج والصدقات المنوعة والإرشاد إلى أنواع الخيرات والعفو عمن أساء إليه إلى غير ذلك من أنواع الطاعات التي لا تعد ولا تحصى.
لم يكتف بها كلها بل يتقرب إلى الله سبحانه أيضا بالإحسان إلى المستضعفين وإعطاء الحرية للمستعبدين فكان (ع) يشتري العبيد والإماء وما به إليهم من حاجة ولكنه إذا ملكهم قام بتعليمهم بالتعاليم الإسلامية الحقة، وإذا أذنب عبد من عبيده أو أمة من إمائه يكتب أسم المذنب ونوع الذنب والوقت الذي حصل فيه ولم يعاقب المذنب أو يعاتبه حتى إذا كانت آخر ليلة من شهر رمضان من كل سنة جمعهم حوله ونشر الكتاب وذكر كل واحد منهم بذنبه فيقر ويعترف له، ثم يقول لهم: ارفعوا أصواتكم وقولوا: يا علي بن الحسين إن ربك قد أحصى عليك كلما عملت كما أحصيت علينا كل ما عملنا ولديه كتاب ينطق عليك بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وتجد كل ما عملت لديه حاضرا كما وجدنا علمنا لديك حاضرا فأعف واصفح كل ما ترجوا من المليك العفو.. واذكر يا علي بن الحسين ذل مقامك بين يدي ربك الحكم العدل الذي لا يظلم مثقال حبة من خردل فأعف واصفح يعف عنك المليك ويصفح، هذا وهو واقف بينهم يبكي وينوح ويقول: رب إنك أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا وقد عفونا كما أمرتنا فاعف عنا فإنك أولى بذلك منا، ثم يقول لهم: قد عفوت عنكم فهل عفوتم عني مما كان مني من سوء ملكة؟ فيقولون: قد عفونا عنك يا سيدنا وما أسأت معنا شيئا. ثم يقول لهم: قولوا: اللهم أعف عن علي بن الحسين كما عفا عنا وأعتقه من النار كما أعتق رقابنا، فيقولون ذلك وهو يبكي ويقول: اللهم آمين.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»