الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٥٨
ومعلوم أن النبي (ص) وأهل بيته الكرام هم مثال التقوى وقدوة المتقين ولذلك ما كانوا يكلفون مماليكهم إلا بأقل مما يطيقون.
ثانيا: - كانوا يحترمون لهم الإنسانية تمام الاحترام إلى حد إذا نصبت مائدة أحدهم (ع) يجلس الإمام معهم كما جاء في أحوال الإمام أبي الحسن الرضا (ع): إنه كان إذا جلس على مائدته أجلس معه مماليكه كلهم حتى السائس والبواب ويأكل معهم فيقال له: يا بن رسول الله لو عزلت لهؤلاء مائدة؟ فيقول: إن الرب واحد والأب واحد والأم واحدة والجزاء بالأعمال، فقيل له: يا بن رسول الله أنت والله خير الناس وما على وجه الأرض أشرف منك، فقال (ع): يا هذا لا تحلف بالله، خير مني من كان أتقى لله وأطوع له ما نسخت هذه الآية: (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ([الحجرات / 14] (1).
ولعل الإمام الرضا (ع) عنى بالأتقى والأطوع منه الخمسة أهل الكساء.
ثالثا: - إذا صدرت من أحد مماليكهم عبيدا أو إماء إساءة أو مخالفة لا يشتمونهم ولا يضربونهم أبدا بل يسيرون معهم بالرأفة واللطف والتوجيه الصحيح والتعليم النافع، بل الثابت في سيرتهم " جميعا إنهم يعفون عمن ظلمهم ويحسنون لمن أساء إليهم كائنا من كان ذلك المسئ وخصوصا مع عبيدهم وإمائهم جاء في أحوال الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع) إنه دعا مملوكه ذات يوم مرتين فلم يجبه فدعاه ثالثا فأجابه فقال

(1) راجع (البحار) ج 49 ص 91 وص 95 نقلا عن (عيون أخبار الرضا) للصدوق ج 2 ص 184 وص 236 و (نور الأبصار) للمازندراني، ص 77.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»