الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٤٧
العلة في وجوب الإخلاص لله بالعبادة وإنما وجب على العبد الإخلاص لله في عبادته وعدم الشرك فيها لغيره لأن الله تعالى هو الذي خلقنا وأوجدنا بعد العدم وأنعم علينا قبل إيجادنا وعند إيجادنا وبعد إيجادنا بأنواع النعم التي لا تعد ولا تحصى. قال تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ([إبراهيم / 35] و [النحل / 19] وهو مالكنا ولا مالك لنا غيره ثم يكون رجوعنا أخيرا إليه وهذا معنى قولنا الذي يلزمنا أن نقوله بتدبر وإمعان، وقد حكاه الله تعالى على لسان الصابرين من عباده في كتابه المجيد: (إنا لله وإنا إليه راجعون ([البقرة / 175]. وهذا المعنى قد حكاه الله أيضا على لسان العبد الصالح المعروف بصاحب ياسين الذي يسميه النبي (ص) في بعض أحاديثه (حبيب النجار) (1) الذي يذكر الله قصته في سورة (يس) بقوله: (وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون ([يس / 23].
ولما كان مبدؤنا من الله ونعمنا منه وهو مالكنا دون غيره ورجوعنا أخيرا يكون إليه إذا يلزمنا - بحكم العقل السليم - أن نخلص له في العبادة.
العلة في إيجاد الجن والأنس هي العبادة لله هذا مع العلم أن الله سبحانه وتعالى ما أوجدنا بهذا الكون إلا لعبادته فقط، قال تعالى: (وما خلقت الجن والآنس إلا ليعبدوني ([الذاريات / 57].

(1) قال رسول الله (ص): " الصديقون ثلاثة حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي قال: " اتبعوا المرسلين " وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال: " أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله " وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم. رواه الكثير من الخاصة والعامة وهو حديث شهير عند الجميع.
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»