الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٣٦
مواثيقه المأخوذة منكم وتحريفكم الكلم إلى غير ذلك من جرائمكم الكبيرة والكثيرة جدا.
ثم جاء بعد هذه الحجة بحجة أخرى توجيهية وواقعية بقوله تعالى: (بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء (أي إن النظر في حقيقتكم يؤدي إلى بطلان دعواكم أنكم أبناء الله وأحباؤه إذ أنكم بشر من جملة خلقه لا تمتازون عنهم بشيء وإذا كان كذلك فله سبحانه أن يغفر لمن يشاء منهم ممن يستحق المغفرة ويعذب من يشاء منهم ممن يستحق العذاب طبق ميزان ما يصدر منهم من أفعال وأقوال ونوايا حسنة أو سيئة، وهو مالك الملك وإليه مصير الجميع لذا قال في خاتمة الآية: (ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير (.
ادعاؤهم أن الجنة خاصة بهم والرد عليهم ومن الآيات التي جاءت داحضة لأقوال اليهود والنصارى قوله تعالى في سورة البقرة: (وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين (111) بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ([البقرة / 112 - 113].
هاتان آيتان من سورة البقرة. ففي الآية الأولى حكى الله دعواهم بأنه لا يدخل الجنة إلا اليهود والنصارى (وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى (ثم ذكر أن هذه الدعوى منشؤها التمني، والتمني - كما يقال - رأس مال المفلس، ويقول الشاعر:
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»