الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٤٥
فإذن، النفخة من روح الله لم تخص عيسى وحده حتى تجوز القول بأنه ابن الله ولا تخصه مع آدم فقط بل تعم بني الإنسان جميعا.
وتارة يخلق من أبوين هرمين يائسين من الذرية كما خلق يحيى، قال تعالى حاكيا على لسان زكريا لما بشر بيحيى: (قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا (8) قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تكن شيئا ([مريم / 9 - 10].
وكذلك كانت ولادة إسحاق من أبوين هرمين إبراهيم وزوجته سارة، قال تعالى في عرض بشارة الملائكة لسارة: (وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب (71) قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب (72) قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ([هود / 72 - 74].
فهذا كله دال دلالة واضحة على قدرة الله الباهرة وإنه لا يعجزه شئ مطلقا.
ويؤيد ذلك ما رواه شيخنا الصدوق في (علل الشرائع) بسنده عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (ع): لأي علة خلق الله عز وجل آدم من غير أب وأم وخلق عيسى من غير أب وخلق الناس من الآباء والأمهات؟ فقال (ع): ليعلم الناس تمام قدرته وكمالها ويعلموا إنه قادر على أن يخلق خلقا من أنثى من غير ذكر كما هو قادر على أن يخلقه من غير ذكر ولا أنثى، وأنه عز وجل فعل ذلك ليعلم إنه على كل شئ قدير (1).

(1) راجع (علل الشرائع) ج 1 ص 15.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»