الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٤٠
والمراد من اتخاذهم الأحبار والرهبان أربابا من دون الله هو اصطفاؤهم وإطاعتهم لهم من غير قيد أو شرط في حين لا يطاع له كذلك إلا الله سبحانه أو من أمر الله بإطاعته مطلقا كالرسل والأنبياء وأوصيائهم المعصومين، قال تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ([النساء / 65]، وقال: (من يطع الرسول فقد أطاع الله ([النساء / 81]، وقال تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ([النساء / 60]، وأولوا الأمر هم المعصومون كعصمة الرسول لذلك قرن أطاعتهم بإطاعة الرسول وأوجب إطاعتهم بدون قيد أو شرط، وهم الأئمة الاثني عشر من أهل بيت النبي لا غير.
أما اليهود والنصارى فقد أطاعوا أحبارهم ورهبانهم - وهم غير معصومين - بكل ما أمروهم به ولو كان ذلك مخالفا لأمر الله سبحانه.
أما اتخاذ النصارى بالخصوص المسيح ابن مريم ربا من دون الله قولهم بألوهيته بنحو كما هو معروف من مذاهبهم بمعنى أن فيه شيئا من جوهر الربوبية أو هو مشتق منه أو هو هو.
وفي إضافة المسيح إلى مريم بقوله: (والمسيح ابن مريم (إشارة واضحة إلى عدم كونهم محقين في هذا الاتخاذ لكونه إنسانا ابن امرأة، ففيه إذا رد وشفاء لا دوائهم لو كانوا يفقهون.
ولكون الاتخاذين مختلفين من حيث المعنى فصل بينهما فذكر أولا اتخاذهم الأحبار والرهبان أربابا من دون الله ثم عطف عليه قوله: (والمسيح ابن مريم (فالكلام فيه دلالة على اختلاف الربوبيتين، فالأول
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»