وعلى كل فالله حكى قولهم بقوله تعالى: (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله (ثم قال: (ذلك قولهم بأفواههم (أي إن قولهم هذا ما هو إلا لقلقة لسان لا حقيقة له ولا دليل عليه وإنما هي شبهات قد اغتروا بها وقلد اللاحق بها السابق وقد جرتهم تلك الشبهات إلى هذا الادعاء الباطل الذي لا واقع له ولا عقل سليم يرتضيه. ثم قال: (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل (والمضاهات تعني المشاكلة والمماثلة أي إنهم بأقوالهم هذه يشابهون أقوال من تقدمهم من الأمم الكافرة، وهم الوثنيون من عبدة الأصنام، فإن من آلهتهم عندهم من هو إله وأب إله ومن هو إله وابن إله.
فالنصارى بادعائهم البنوة للمسيح يشابهون أقوال هؤلاء الكافرين الوثنيين. ثم دعا عليهم بقوله: (قاتلهم الله أنى يؤفكون (أي لعنهم الله، والإفك هو كل مصروف عن وجهه الذي حق أن يكون عليه فمعنى يؤفكون أي إلى أي جهة يصرفون في اعتقادهم.
نعم إنما يصرفون عن الحق إلى الباطل " والحق أحق أن يتبع ".
اتخاذ أحبارهم ورهبانهم أربابا ثم قال في الآية الثانية: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم (.
الأحبار جمع حبر بفتح الحاء وكسرها وهو العالم وغلب استعماله في علماء اليهود، والرهبان جمع راهب وهو المتلبس بلباس الخشية والخوف وغلب استعماله على المتنسكين من النصارى.