الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٣٥
ادعاء اليهود والنصارى أنهم أبناء الله والرد عليهم يقول تعالى: (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير ([المائدة / 19].
فترى في هذه الآية الكريمة أن الله قد حكى أولا قول اليهود والنصارى وادعائهم أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأرادوا بذلك كونهم من الله بمنزلة الأبناء من الأب لا أنهم يدعون البنوة الحقيقية بل يريدون أن يميزوا أنفسهم ويشرفوها باختصاصهم بالقرب من الله كما يكون أبناء الملوك مثلا بالنسبة إلى سائر الرعية مقربون عندهم، ويغضون النظر عما يصدر منهم من الجرائم، وجاء عطف (وأحباؤه) على قوله: (أبناء الله (كعطف تفسير، وغرضهم من هذا الاختصاص بالبنوة المجازية والمحبوبية إثبات لازمهما وهو أنه لا سبيل إلى تعذيبهم وعقوبتهم مهما صدر منهم من أفعال وأقوال سيئة بل يكون مصيرهم إلى النعمة والكرامة لأن تعذيبه تعالى إياهم - بزعمهم - يناقض ما خصهم به من المزية وحباهم به من الكرامة فهم - عند أنفسهم - شعب الله المختار ولذلك جاء الرد عليهم بالحجة ثانيا بقوله تعالى مخاطبا رسوله (ص): (قل فلم يعذبكم بذنوبكم (أي إذا كنتم صادقين بدعواكم أنكم أبناء الله وأحباؤه إذا فما هذا العذاب الواقع عليكم من مسخ بعضكم قردة وخنازير وضرب الذلة والمسكنة على آخرين إلى غير ذلك من أنواع العذاب الدنيوي المشاهد في العيان وبعده في الآخرة بالنار جزاء جرائمكم من قتلكم أنبياءه ونقضكم
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»