الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٢٠
الغضب بين المدح والذم ذلك لأن الغضب غريزة في الإنسان تلهب فيه روح الحمية والاباء وتبعثه على التضحية والفداء في سبيل أهدافه الرفيعة ومثله العليا كالذود عن العقيدة الحقة وصيانة الأرواح والأموال والكرامات، ومتى تجرد الإنسان عن هذه الغريزة صار عرضة للهوان والاستعباد للغير، لذلك قيل: من أغضب ولم يغضب فهو حمار.
فالغضب من هذه الناحية من الفضائل النفسانية الممدوحة والمشرفة التي تعزز الإنسان وترفع معنوياته، وذلك كله فيما إذا كان غضبه على المنكرات في ذات الله عز وجل، ومن هنا ورد في بعض الأحاديث ان الله تعالى أوحى إلى نبيه شعيب (ع) إني معذب من قومك مائة ألف: أربعين ألفا من شرارهم وستين ألفا من خيارهم، فقال: يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ فأوحى الله إليه: إنهم داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي (1).
أي انهم تركوا نصيحتهم ولم يتعرضوا لهم ولم يمنعوهم من قبائحهم ولم يغضبوا عليهم لغضب الله على جرائمهم.
أما إذا كان الغضب لغير الحق ولا سيما الإفراط فيه والخروج عن حد الاعتدال الذي تحدى به صاحبه ضوابط العقل والشرع فهو الغضب المذموم بل يعد من الرذائل الخلقية المهلكة للإنسان المضرة بصحته، لأنه

(١) راجع الحديث وما قبله ومصادره في كتابنا (قبس من القرآن) ص 164.
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 230 231 232 233 ... » »»