الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢١٧
الذي حرم على نفسه الخمر أيام الجاهلية قال: لا أشرب شرابا يذهب عقلي ويضحك بي من هو أدنى مني ويحملني على ان أنكح كريمتي. فلما حرمت الخمر في الإسلام أتي إليه وهو بالعوالي فقيل له: يا عثمان قد حرمت الخمر، فقال: تبا لها قد كان بصري فيها ثاقبا (1).
وممن حرم على نفسه الخمر في أيام الجاهلية جعفر بن أبي طالب وقال: ما شربت خمرا قط لأني علمت إني إن شربتها زال عقلي (2).
وما أدري كيف يرضى العاقل بزوال عقله بسبب لذة موهومة يبقى فيها أضحوكة للمارة؟! وكيف يرضى لنفسه احتساء الخمر وقد ثبت بالتجارب انها تحدث اضطرابات في المجموع العصبي وتمزق الكبود وتصيرها كالغرابيل؟ وعلى هذا إجماع الكيمياويين المتخصصين في تحليل المواد الكيمياوية والمؤيد بتقرير الأطباء الماهرين.
والشارب للخمر المستحل لها كافر بإجماع المسلمين ويجب على إمام المسلمين أن يقتله، أما الشارب لها مع إقراره بحرمتها على إمام المسلمين أن يجلده ثمانين جلدة نكالا لما اقترف من الإثم وله في الآخرة عذاب عظيم.
ولكن مما يوجب غضب الله وسخط رسوله والمؤمنين أن ساسة المسلمين في أغلب الأقطار الإسلامية قد فتحوا باب بيع الخمور على مصراعيه وأباحوا للناس التكسب به وهو من المكاسب المحرمة، بحيث لا تكاد تجد بلدة من بلاد المسلمين - إلا القليل - لا تباع فيها الخمور

(1) راجع (الاستيعاب) لابن عبد البر ج 3 ص 86.
(2) راجع كتابي (علل الشرائع) ج 2 ص 558 و (الأمالي) ص 46 للصدوق.
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 230 ... » »»