الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٨٢
يشعر غيرهم بها إذ أنهم يعلمون ان مقابل إحسانهم سيقابلون - غالبا - بإحسان مثله أو أزيد منه من المحبة والتقدير مما يدخل السعادة إلى نفوسهم التي لها حق عليهم، وفي هذا النص دلالة أيضا على أداء حق النفس بينما الإساءة إلى الغير تجعل صاحبها منبوذا محتقرا لا يهنأ له عيش ولا يقر له قرار، وفي الحديث اصنع المعروف - أي الإحسان - مع كل أحد فإن ضيعه المصطنع إليه لم يضع عند الصانع.
ومنها قوله تعالى في سورة فصلت: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين (حيث أبان لنا ان كلمة الدعوة إلى الله هي أحسن كلمة تقال في الأرض وتصعد في مقدمة الكلم الطيب إلى السماء ولكن يجب أن تكون الكلمة الطيبة مقرونة بالعمل الصالح الذي يصدق كلمته وتكون الدعوة خالصة لله وبذلك يصح له ان يقول: (إنني من المسلمين (وفي الآية إشارة إلى حق الخالق والمخلوق والنفس - كما لا يخفى.
ثم يقول تعالى بعد هذه الآية: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم (34) وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ([فصلت / 34 - 36].
وهنا أبان لنا ان من المعلوم عند كل عاقل ان الحسنة لا تستوي مع السيئة، فعليه إذا ان يدفع ويرد السيئة الصادرة من الإنسان الجاهل بالحسنة والإحسان إليه ويقابله باللين والرفق لأن مقابلة السيئة بالسيئة - بمثلها أو أزيد منها - تسبب هياجه وازدياد غضبه مما يسبب إفلات زمامه وتمرده وخلع حيائه نهائيا.
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»