وبينما هو كذلك في بعض الأيام إذ جاءت عاصفة شديدة وسمع هدة عظيمة ورأى الناس يهرعون فجاء معهم وإذا بتلك الشجرة قد قلعت من أصولها ووقعت على الأرض بأثمارها فسعى إلى الملك مسرورا وأخبره بقلع الشجرة من نفسها وطلب منه جواب السلطان فقال له: إذهب الآن وقل له: جور على مظلوم واحد قد أثر في قلع شجرة عظيمة فكيف لا يؤثر الجور على جماعات من الناس مظلومين قي قلع أعمار الظالمين، ونحن بالعدل صرنا معمرين.
نعم.. ومن هنا قال رسول الله (ص): يبقى الملك بالعدل مع الكفر ولا يبقى بالجور مع الإيمان (1).
وقال الشاعر:
ولم أر مثل الجور للملك واضعا والظلم موضع الهلكات.
فلم أر مثل العدل للملك رافعا فالعدل منبع البركات.
ميزان العدل في هذا القسم الثاني وإذا أردت أن تعرف ميزان العدل فيما بينك وبين الناس فاستمع إلى وصية أمير المؤمنين (ع) لولده الحسن، وأجهد أن تعمل بها قدر الإمكان.
قال (ع): يا بني اجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك فأحب لغيرك ما تحب لنفسك واكره له ما تكره لها ولا تظلم كما لا تحب أن تظلم وأحسن كما تحب أن يحسن إليك واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك