الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٨٣
أما إذا قابل السيئة بالحسنة فقد ينقلب المسئ العدو حميما مواليا ومحبا مريدا، غير ان تلك السماحة من مقابلة الإساءة بالإحسان تحتاج إلى صبر وقلب كبير يعطف ويسمح على القريب والبعيد حتى ولو كان قادرا على الإساءة لذا يقول تعالى: (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم (، وقد تلقى هذه المنزلة السامية - بأعلى مصاديقها - نبينا محمد (ص) وأهل بيته الأطهار كما هو معلوم من سيرتهم المحمودة الحسنة مع أعدائهم فضلا عن أوليائهم.
ومن المعلوم الذي لا ينكر ان هناك نفوسا خبيثة لا تقابل إحسان المحسن إلا بالإساءة إليه فهؤلاء قطعا يعقبهم الخسران في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة و (إن ربك لبالمرصاد ([الفجر / 15].
وقد سار على هذه السيرة السيئة أعداء النبي (ص) وأهل بيته الأطهار عداء منهم للحق وأهله (والله من ورائهم محيط ([البروج / 21].
ومنها قوله تعالى: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون ([الأنعام / 161].
نعم هكذا يرغبنا الله في الإتيان بالحسنات بأن يجعل الحسنة الواحدة جزاؤها عشر، بينما السيئة لا يجازى صاحبها إلا بمثلها وأنهم لا يظلمون بمضاعفة السيئة إلى أكثر منها.
وفي آية أخرى يقول عز من قائل: (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون (89) ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون ([النمل / 90 / 91] فوعد المحسن بإحسانه في هذه الآية بحسن المثوبة ومضاعفتها بخير منها وبالأمان من
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»