عليك من وجوب الكذب كما قال الغزالي ومن إظهار الكفر وهو مذهب الجمهور من أهل العلم كما اعترف بذلك الرازي ومن جواز الابتسام في الظاهر واللعن في الباطن كما اعترف بذلك البخاري ومن جواز أن يقول الإنسان ما يشاء وينال من رسول الله خوفا على ماله كما صر بذلك صاحب السيرة الحلبية وأن يتكلم بما فيه معصية الله مخافة الناس كما اعترف به السيوطي.
فلا مبرر لحضرة الدكتور البوطي وغيره في التشنيع والإنكار على الشيعة من أجل عقيدة يقولون بها هم أنفسهم ويروونها في صحاحهم ومسانيدهم بأنها جائزة بل واجبة، ولم يزد الشيعة على ما قاله أهل السنة شيئا، سوى أنهم اشتهروا بالعمل بها أكثر من غيرهم كما لاقوه في الأمويين والعباسيين من ظلم وجور واضطهاد، فكان يكفي في تلك العصور أن يقال:
هذا رجل يتشيع لأهل البيت ليلاقي حتفه ويقتل شر قتلة على يد أعداء أهل البيت النبوي.
فكان لا بد لهم من العمل بالتقية اقتداء بما أشار إليهم أئمة أهل البيت فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: " التقية ديني ودين آبائي " وقال: " من لا تقية له لا دين له " وقد كانت التقية شعارا لأئمة أهل البيت أنفسهم دفعا للضرر عنهم وعن أتباعهم ومحبيهم وحقنا لدمائهم واستصلاحا لحال المسلمين.
وأما بالنسبة لأهل السنة والجماعة فقد كانوا بعيدين كل البعد عن ذلك البلاء لأنهم كانوا في معظم عهودهم على وفاق تام ما الحكام فلم يتعرضوا لا لقتل ولا نهب ولا لظلم، فكان من الطبيعي جدا أن ينكروا التقية ويشنعون على العاملين بها وقد لعب الحكام من بني أمية وبني العباس دورا كبيرا في التشهير بالشيعة من أجل التقية وأتباعهم إلى هذا اليوم.
وهذا الخطيب البغدادي يذكر: أن نصر بن علي الجهضمي المحدث الكبير لما حدث بهذا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " من أحبني وأحب هذين (وأشار إلى الحسن والحسين (عليهما السلام)) وأباهما وأمهما كان معي في درجتي