أفعالنا، لئلا يلزم ما لا يطاق كما ذكرتم، أما إذا لم تكن من أفعالنا بل من فعله فلا يجب أن يعرفنا المفسدة اللازمة لو كانت ثابتة، وحينئذ يجوز أن لا يكون نصب الإمام واجبا عليه تعالى، لاستلزامه مفسدة لا نعلمها.
والأجود في الجواب أن نقول: لو كان هناك مفسدة لكانت إما لازمة للإمامة، وهو باطل، وإلا لما فعلها الله تعالى، لكنه فعلها بقوله تعالى ﴿إني جاعلك للناس إماما...﴾ (1)، ولاستحال تكليفنا باتباعه، لكنا مكلفون باتباعه أو (مفارقته) وحينئذ يجوز انفكاكها عنه، فيكون واجبة على تقدير الانفكاك، وأيضا هذا السؤال وارد على كل ما يوجبه المعتزلة على الله تعالى، فكلما أجاب به فهو جوابنا.
وعن الثالث (2): أنا نختار أن الإمام لطف مطلقا، أما مع ظهوره وانبساط يده فظاهر، وأما مع غيبته فلأن نفس وجوده لطف، لأن اعتقاد المكلفين لوجود الإمام وتجويز ظهوره وإنفاذ أحكامه في كل وقت سبب لردعهم عن المفاسد ولقربهم إلى الصلاح، وهو ظاهر.
وتحقيق هذا المقام: هو أن لطفية الإمام تتم بأمور ثلاثة:
الأول: ما هو واجب عليه تعالى، وهو خلق الإمام وتمكينه بالقدرة والعلم، والنص عليه باسمه، ونصبه، وهذا قد فعله الله تعالى.
الثاني: ما هو واجب على الإمام، وهو تحمله الإمامة وقبولها، وهذا قد فعله الإمام.