رأى برأيه، فعليك بنفسك ودع عنك أمر العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر فيهن مثل القبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله قيل يا رسول الله أجر خمسين منهم قال أجر خمسين منكم.
ثم روى بإسناده عن عبد الله بن عمرو أن النبي (ص) قال: طوبى للغرباء ثلاثا قالوا يا رسول الله ومن الغرباء؟ قال: ناس صالحون قليل في أناس سوء كثير من يبغضهم أكثر ممن يحبهم.
أخبرنا أسد بإسناده عن عبد الله أنه سمع رسول الله يقول أن السلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدا فطوبى للغرباء قيل ومن الغرباء يا رسول الله قال الذين يصلحون إذا فسد الناس، هذا آخر ما نقلته من كتاب البدع والحوادث للإمام الحافظ محمد بن وضاح.
فتأمل رحمك الله أحاديث الغربة وبعضها في الصحيح مع كثرتها وشهرتها.
وتأمل إجماع العلماء كلهم أن هذا قد وضع في زمن طويل حتى قال ابن القيم: الإسلام في زماننا أغرب منه في أول ظهوره.
فتأمل هذا تأملا جيدا لعلك أن تسلم من هذه الهوة الكبيرة التي هلك فيها أكثر الناس وهي الاقتداء بالكثرة والسواد الأكبر والنفرة من الأقل فما أقل من سلم منها ما أقله..
ولنختم ذلك بالحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويعتقدون بأمره (وفي رواية يهتدون بهدية) ويستنون بسنته، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل. (3)