ما يقول السادة العلماء أعانهم الله على إظهار الحق المبين وإخماد الكفار والمنافقين في الكنائس التي بالقاهرة وغيرها التي أغلقت بأمر ولاة الأمور إذا ادعى الذمة أنها أغلقت ظلما وأنهم يستحقون فتحها وطلبوا ذلك من ولي الأمر، فهل تقبل دعواهم وهل تجب إجابتهم أم لا، وإذ قالوا إن هذه الكنائس كانت قديمة من زمن عمر بن الخطاب وغيره من خلفاء المسلمين وإن إغلاقها مخالف لحكم الخلفاء الراشدين فهل هذا القول مقبول منهم أم مردود؟
وإذا ذهب أهل الذمة إلى من يقدم من بلاد العرب من رسول أو غيره فسألوا أن يسأل ولي الأمر في فتحها أو كاتبوا ملوك الحرب ليطلبوا ذلك من ولي أمر المسلمين فهل لأهل الذمة ذلك وهل ينتقض عهدهم بهذا أم لا؟ وإذا قال قائل: إنهم إن لم يجابوا إلى ذلك حصل للمسلمين ضرر إما بالعدوان على من عندهم من الأسرى والمساجد، وإما بقطع متاجرهم عن ديار الإسلام وإما بترك معاونتهم لو لي أمر المسلمين على ما يعتمده من مصالح المسلمين ونحو ذلك، فهل هذا القول صواب أو خطأ بينوا ذلك مبسوطا مشروحا وإذا كان في فتحها تغيير قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وتغيير قلوب أهل الصلاح والدين وعموم الجند والمسلمين على ولاة الأمور لأجل إظهار شعائر الكفر وظهور عزهم وفرحهم وسرورهم بما يظهرونه وقت فتح الكنائس من الشموع والجموع والأفراح وغير ذلك، وهذا فيه تغير قلوب المسلمين من الصالحين وغيرهم حتى إنهم يدعون الله تعالى على من تسبب في ذلك وأعان عليه فهل لأحد أن يشير على ولي الأمر بذلك، ومن أشار عليه بذلك هل 3 يكون ناصحا لو لي المسلمين أم غاشا، وأي الطرق هو الأفضل لو لي الأمر؟
هذا نص السؤال فأجاب عنه ابن تيمية بما نصه:
" الحمد لله رب العالمين أما دعواهم أن المسلمين ظلموهم في إغلاقها فهذا كذب مخالف لأهل العلم فإن علماء المسلمين من أهل المذاهب الأربعة مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد و غيرهم والأوزاعي والليث بن سعد وغيرهم ومن قبلهم من الصحابة والتابعين متفقون على أن الإمام لو هدم كل كنيسة بأرض العنوة كأرض مصر والسودان بالعراق وبر الشام ونحو ذلك مجتهدا في ذلك ومتبعا في ذلك لمن يرى ذلك لم يكن ذلك ظلما منه بل تجب طاعته في ذلك وإن امتنعوا عن حكم المسلمين لهم كنوا ناقصين العهد وحلت بذلك دماؤهم وأموالهم ".
وأما قولهم: إن هذه الكنائس من عهد عمر بن الخطاب، وأن الخلفاء الراشدين أقروهم عليها فهذا أيضا من الكذب فإن من المعلوم المتواتر أن القاهرة بنيت بعد عمر بن الخطاب