لكنهم شددوا في ذلك وحذروا منه لأمرين:
الأول غلظ البدعة في الدين في نفسها فهي عندهم أجل من الكبائر، ويعاملون أهلها بأغلظ مما يعاملون أهل الكبائر كما تجد في قلوب الناس اليوم أن الرافضي عندهم ولو كان عالما عابدا أبغض وأشد ذنبا من السني المجاهر بالكبائر.
الأمر الثاني، أن البدع تجر إلى الردة الصريحة كما وجد من كثير من أهل البدع.
فمثال البدعة التي شددوا فيها مثل تشديد النبي (ص) فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح خوفا مما وقع من الشرك الصريح الذي يصير به المسلم مرتدا.
فمن فهم هذا فهم الفرق بين البدع وبين ما نحن فيه من الكلام في الردة ومجاهدة أهلها، أو النفاق الأكبر ومجاهدة أهله وهذا هو الذي نزلت فيه الآيات المحكمات.
ومثل قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه) الآية.
وقوله تعالى (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير، يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم) الآية.
وقال ابن وضاح في كتاب البدع والحوادث بعد حديث ذكره أنه سيقع في هذه الأمة فتنة الكفر وفتنة الضلالة.
قال: إن فتنة الكفر هي الردة يحل فيها السبي والأموال.
وفتنة الضلالة لا يحل فيها السبي والأموال، ولعله وهذا الذي نحن فيه فتنة ضلالة لا يحل فيها السبي ولا الأموال.
وقال: أيضا أخبرنا أسد أخبرنا رجل عن ابن المبارك قال ابن مسعود أن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليا من أوليائه يذب عنه وينطق بعلامتها: فاغتنموا حضور تلك المواطن وتوكلوا على الله وكفى بالله وكيلا.
ثم ذكر بإسناده عن بعض السلف قال لأن أرد رجلا عن رأي سيئ أحب إلي من اعتكاف شهر.
أخبرنا أسد عن أبي إسحاق عن الأوزاعي قال كان بعض أهل العلم يقولون لا يقبل الله من ذي بدعة صلاة ولا صدقة، ولا صياما، ولا جهادا، ولا حجا، ولا صرفا، ولا عدلا، وكانت أسلافكم تشتد عليهم ألسنتهم وتشمئز منهم قلوبهم ويحذرون الناس بدعتهم.