فقهيات بين السنة والشيعة - عاطف سلام - الصفحة ٦٤
لساني * يفقهوا قولي * واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري * كي نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا * إنك كنت بنا بصيرا) [طه / 25 - 35] فأوحيت إليه: (قد أوتيت سؤلك يا موسى) [طه / 36]. اللهم وإني عبدك ونبيك فاشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي اشدد به ظهري.
قال أبو ذر: فوالله ما استتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلمة حتى هبط عليه الأمين جبريل بهاتين الآيتين: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون * ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) ".
فتأمل قوله تعالى: (إنما وليكم) الذي تصدر بأقوى أدوات القصر " إنما " بحيث يفيد حصر الولاية وقصرها إذ أن المقصود بالولاية هنا هو الولاية عن النفس والأولوية في التصرف على غرار قوله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) [الأحزاب / 6] وليست الولاية هنا بمعنى النصرة أو المحبة كما زعم بعضهم وإلا فلا يصبح ثمة وجه للحصر كما لا يخفى.
وكان الله - عز وجل - يريد أن يبين للمؤمنين: إنما وليكم الأولى بكم من أنفسكم هو الله ورسوله وعلي فكما أن ولاية الله عامة فكذلك ولاية رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وولاية الإمام علي عليه السلام على ذات الأسلوب وبلا فرق.
وهذه الآية الكريمة تثبت أن ولاية الإمام علي عليه السلام مفروضة على جميع المؤمنين مثل ولاية رسول رب العالمين صلى الله عليه وآله وسلم بنص الكتاب المحكم المبين.
ثم جاءت السنة المطهرة لتعضد ما جاء في الكتاب المجيد وتضفي عليه مزيدا من التأكيد فقد أخرج أبو داود الطيالسي - كما في أحوال علي من القسم الثالث من (الإستيعاب) لابن عبد البر - بالإسناد إلى ابن عباس قال:
" قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي بن أبي طالب: أنت ولي كل مؤمن بعدي " (1).

(1) أخرجه أبو داود الطيالسي وغيره من أصحاب السنن عن أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري عن أبي بلج يحيى بن أبي سليم الفزاري عن عمرو بن ميمون الأودي عن ابن عباس مرفوعا ورجال هذا السند كلهم حجج وقد احتج بكل منهم الشيخان في صحيحيهما إلا يحيى بن أبي سليم لم يخرجا له لكن أئمة الجرح والتعديل صرحوا بوثاقته وقد نقل الذهبي - حيث ترجمه من الميزان - توثيقه عن يحيى بن معين والدار قطني ومحمد بن سعيد وأبي حاتم وغيرهم وكذلك نقل وثاقته ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل احتج به أصحاب السنن الأربعة.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست