ذلك لن يخل بالأذان في أداء دوره بوصفه وسيلة إعلام بالصلاة فحسب فقال وهو على المنبر كما نص عليه الإمام القوشجي في أواخر مبحث الإمامة من (شرح التجريد) وهو من أئمة المتكلمين على مذهب الأشاعرة: " ثلاث كن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أنهى عنهن وأحرمهن وأعاقب عليهن وهي:
متعة النساء ومتعة الحج وحي على خير العمل ". ثم عرض القوشجي مسوغات هذا الاجتهاد مع اعترافه به.
وتبعه في إسقاطها عامة من تأخر من المسلمين في ما عدا أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم فإن " حي على خير العمل " من مقاطعهم في الأذان كما هو بديهي في مذهبهم حتى أن شهيد فخ الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن أمير المؤمنين عليهم السلام لما ظهر بالمدينة أيام الطاغية الهادي من ملوك العباسيين أمر المؤذن أن ينادي بها ففعل وقد نص على ذلك أبو الفرج الأصفهاني في كتابه " مقاتل الطالبيين " (1).
وذكر الحلبي في باب: بدء الأذان ومشروعيته: أن عبد الله بن عمر والإمام علي بن الحسين كانا يقولان في الأذان بعد " حي على الفلاح ": " حي على خير العمل " (2).
وربما يقول قائل: هل يجوز الاجتهاد في إسقاط المقطع من الأذان؟
والجواب: أن ذلك الاجتهاد كان يهدف إلى تحقيق مصلحة معينة دون الإخلال بطبيعة دور الأذان بوصفه وسيلة إعلام بالصلاة كما أن الذي سوغ الزيادة فيه هو الذي سوغ الإسقاط منه فها قد رأيت أنه قد زاد " الصلاة خير من النوم " في صلاة الصبح وهذه الكلمة لا عين لها ولا أثر في ما هو مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كيفية الأذان فراجع كتاب الأذان من (صحيح البخاري) وباب: صفة الأذان في أول كتاب الصلاة من (صحيح مسلم).