وهذه سنة أصحاب النفوذ والسلطان في كل زمان ومكان، لا بد من أن يتحصنوا بالدين. وإذ كان الدين لا يتجاوب معهم ولا يمنحهم الشرعية اخترعوا بقوة نفوذهم وسلطانهم دينا آخر على طريقتهم وتحصنوا به. وبمرور الزمن يتوارى الدين الصحيح تدريجيا ويصبح الذين الزائف هو السائد..
من هنا برزت السياسة وأصبحت لها بصماتها الواضحة على حركة تدوين الحديث وتأسيس علومه. ومهما حاول أهل السنة سترها فإنها تطل ما بين الحين والآخر من خلال أحاديث كثيرة ومن خلال علم الحديث ذاته ومن خلال كتب السنن..
فالبخاري روى لكثير من الرجال المتهمين، ولم يرو لأبناء الرسول من آل البيت الذين الذين رووا عن الإمام جعفر الصادق.. (1).
ومسلم صنع بابا أسماه فضائل أبو سفيان، وهو لا يحوي أية فضيلة له، ولم يرو سواه في هذا الباب.. (2).
وعلم الجرح والتعديل استثنى الصحابة، وبنى على أساس أخلاقي في شخصية الراوي، ولم يهتم بجوانبها الأخرى خاصة الجانب السياسي منها، فهو قد ركز على مسألة الصدق والأمانة وتغاضى عن علاقة الراوي بحكام زمانه مثلا. كما تغاضوا عن جرائمه في حق المسلمين بحجة أنه فعلها متأولا.. (3).