وكل ما خلق الله للانسان من أدوات إنما تؤكد الاستحالة العقلية، فإن هذه الأدوات المادية وهي الحواس لا تدرك إلا المادة من جنسها..
والإمام بقوله هذا قد أرسى قاعدة عدم الرؤية إلا أن هذا لا يعني إطلاقا عدم وجوده سبحانه: فهو المعروف من غير رؤية وأحق وأبين مما ترى العيون.. (1).
ويؤكد الإمام وحدانية الله وتفرده سبحانه، في وصيته للإمام الحسن عليه السلام بقوله: واعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ولعرفت أفعاله وصفاته ولكنه إله واحد كما وصف نفسه لا يضاده في ملكه أحد ولا يزول أبدا ولم يزل.. (2).
وبأدق الألفاظ وأكمل العبارات وأوجز الكلمات يطرح الإمام قضية توحيد صفات الله بقوله: فمن وصفه فقد حده ومن حده فقد عده..
فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ومن قرنه فقد ثناه..
فلسنا نعلم من كنه عظمتك إلا أنا نعلم أنك حي قيوم لا تأخذك سنة ولا نوم.. لم ينته إليك نظر ولم يدركك بصر.. (3).
وقد سئل الإمام: هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين..؟
فقال: أفأعبد ما لا أرى..؟
فقال السائل: وكيف تراه..؟
قال: لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان.. قريب من الأشياء غير ملامس، بعيد منها غير مباين، متكلم بلا روية مريد لا بهمة. صانع لا بجارحة. لطيف لا يوصف بالخفاء كبير لا يوصف بالجفاء بصير لا يوصف بالحاسة. رحيم لا يوصف بالرقة تعنو الوجوه لعظمته، وتجب القلوب من مخافته.. (4).