ومع كون أهل السنة يعدون خصوما لهذه الفرق وينطبق عليهم ما ينطبق على الآخرين. إلا أنهم لا يتحلون بصفة تميزهم عن الآخرين وتمنحهم القيمومة عليهم..
ويبدو أن تحالف أهل السنة مع القوة الحاكمة على مر التاريخ. ذلك التحالف الذي منحهم الشرعية والاستقرار على ساحة الواقع واستقطاب القطاع الأكبر من جماهير المسلمين قد جعلهم يغترون بأنفسهم ويتعالون على الفرق الأخرى..
إن أهل السنة ينظرون لمخالفيهم نظرة استعلاء وهذه النظرة نابعة من اعتقادهم أنهم جماعة الحق وأنهم الفرقة الناجية. وبالطبع مثل هذا الاعتقاد لا بد أن يقودهم إلى الاستهانة بالآخرين والشك في عقائدهم..
وهذا يفسر لنا منطق المحاكمة وليس المناقشة الذي يحكم أي حوار يدور بين أهل السنة والشيعة..
ومن خلال تجاري الطويلة في الوسط الإسلامي وشتى الحوارات التي أجريتها مع مختلف التيارات خرجت بقناعة أن جميع تيارات أهل السنة لا تحاور بهدف متجرد أو تناقش منطق الباحث عن الحق. وإنما يحكم النقاش دائما منطق الخصومة والتعالي. فهم يناقشون بهدف إخضاع الطرف الآخر أو إصدار حكم فيه..
وكنت كثيرا ما أشترط بداية قبل الدخول في أي حوار أو نقاش مع طرف سني أن يتم التخلي عن منطق " صاحب حق يناقش صاحب باطل " فإن هذا الحوار لن يجدي بهذه الصورة ولن يؤدي إلا إلى زيادة التباعد والخصومة.
فالحكم ببطلان رؤية المناقش بداية يعني الأمر محسوم من قبل المناقش.
وهو في هذه الحالة لن يكون إلا صورة من صور المحاكمة الفكرية.. (1).
وهذا المنطق الذي ساد الوسط الإسلامي السني في مواجهة الشيعة إنما يعود سببه إلى هيمنة الفكر الوهابي المتعصب النابع من خط ابن تيمية الذي يكن عداءا شديدا للشيعة وللمخالفين له بوجه عام..