عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ٢٠٠
وإذا كان أهل السنة يعتبرون أن الطعن في الصحابة طعن في الكتاب والسنة وهم بهذا يشككون في عقائد الشيعة التي لا تعترف بفكرة العدالة. فإن هذه الحجة باطلة عند الشيعة حيث أنهم يعتبرون أن مصدر تلقي الكتاب والسنة ينحصر في آل البيت وليس في الصحابة. ومقياس عدالة الصحابي وعدم عدالته إنما يتحدد بموقفه من آل البيت.
فإن والاهم كان عدلا. وإن عاداهم كان مذموما متروكا.
ومن المعروف أن معظم الصحابة وفي مقدمتهم الخلفاء الثلاثة قد حادوا عن نهج أهل البيت وانحازوا للقبلية والعصبية والهوى بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله. فمن ثم فإن الشيعة لا تقر بعدالة هذه الكثرة وترفض أتباعها والنقل عنها. وتقر بعدالة القلة القليلة منهم التي والت آل البيت وسارت على نهجهم (1).
إن مفهوم العدالة بصورته المطلقة إنما يتحقق في آل البيت وحدهم لكونهم مصدر التلقي ولا يجوز أن ينطبق بحال على أناس محل شك وسيرتهم وممارساتهم ومواقفهم تدفع إلى عدم الثقة فيهم.
وعندما نجزم بأن مصدر تلقي الكتاب والسنة ينحصر في دائرة الصحابة - كما يقول أهل السنة وهم على ما نعرف من الخلاف والتجاوز والاقتتال. فإن هذا التصور سوف يقودنا بالتالي إلى الشك فيما نتلقاه منهم.
وما دمنا نؤمن بعصمة الكتاب فإن الإيمان يجب أن يقودنا إلى عصمة مصدر التلقي. فهذه هي النتيجة الطبيعية لهذا الإيمان. وهي نتيجة تقودنا إلى الثقة في هذا المصدر.
وهذا الأمر يتبين لنا بوضوح عندما نلقي نظرة على جانب أهل السنة وما تلقوه من الصحابة. فقد تلقوا كتابا محرفا في معانيه وأحاديث مخترعة ومنسوبة للرسول. ولقد سارت الأمة طوال القرون السابقة على ما تلقته من الصحابة مما

(1) أنظر الحديث عند الشيعة وانظر الفصل القادم.
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست