إذ كيف يعقل أن يترك الرسول (ص) القرآن مشتتا هنا وهناك في صدور الرجال. إن ذلك يتنافى مع دوره ومهمته كرسول خاتم..
يروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله (ص) (فنهتني قريش) (1)..
قالوا: تكتب كل شئ سمعته عن رسول الله. ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا..؟
فأمسكت عن الكتابة. فذكرت ذلك لرسول الله فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال:
" أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق " (2)..
وهذه الرواية تكشف لنا عدة دلالات هامة:
أولا: أن هناك جبهة كانت تتولى الكتابة عن الرسول..
ثانيا: أن هناك جبهة كانت ضد كتابة كلام الرسول..
ثالثا: أن هناك أمر من الرسول بكتابة كلامه.
رابعا: أن هذه الجبهة تنظر إلى الرسول على أنه صاحب أحوال وذو شخصية متقلبة.
ويروي البخاري أنه لما حضر النبي (ص) - أي في مرض الموت - وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب. قال (ص): " هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ". قال عمر: إن النبي - يهجر - وقد غلبه الوجع وعندكم كتاب الله فحسبنا كتاب الله واختلف أهل البيت واختصموا وانقسموا إلى حزبين. حزب مع عمر.
وحزب يطالب بكتابة الوصية (3)..