بلون الغار ، بلون الغدير - معروف عبد المجيد - الصفحة ٨
أدبر واستكبر، فقال إن هذا إلا سحر يؤثر!
* * * بيد أن القرآن لم يكن سحرا، وكانوا يعلمون أنه ليس بسحر، وأن هذا (الناقد) العتيد ربما أصابه مس من الشيطان، ولربما أسره سحر البيان، فاعتمدوا صيغة (النقد الجماعي) ووقفوا معا وقالوا بصوت واحد: بل هو شاعر!!
وكانوا يظنون بذلك أنهم ربما اقتربوا من (الموضوعية النقدية) إذ أن الشعر عندهم هو الكلام، والشعراء عندهم سادة الكلام، والشعر هو الصيغة المثلى للبيان اللغوي والفصاحة اللفظية، وليس سوى الشعر بمقدوره أن يرسخ قناعة ما في عقل ما..!!
وهذه هي خطورة الشعر عند العرب، فلا عجب إذا أن يعتبرونه ديوانهم وصندوق عهدهم الذي تخرج منه المعجزات فيتحول اليابس إلى أخضر، ويتحول الأخضر إلى أشجار تمشي، ثم تتدلى أغصانها، فتسبح!!
فهل المعجزة إلا هذا؟!
* * * ومنذ تلك اللحظة يحتل الشعر خندقا في المواجهة، وينتقي له دورا رساليا، ويغدو سلاحا أحد من السيف، وأسن من الرمح، وأبرى من السهم..!
ثم ما تلبث أن تنزل سورة باسم (الشعراء) ليصوغ القرآن الكريم للشاعر أسلوبه ويحدد له هدفه، بل ويوضح للمتلقي طريقه، فتنطلق الأشعار لتستقر في صدر الخصوم، وترتجل الأرجاز في خضم المعركة لتزيدها حماسة وبأسا وضراما، وتجعلها أشد شراسة وضراوة، ثم تتولد
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست